shimery.com
New Page 1
 
shimery.com



سفارة اليمن بمصر


مقالات                      

تفاصيل المقالة
الفكر الجديد 
  إفتتاحيات مجلة المثقف العربي

  العدد رقم( 36)    صدر بتاريخ (2004)

عالم اليوم عالم مليء بالمتغيرات في شتى المجالات، وعالم يغص بالمفاجآت. تغيرت مفاهيم المليارات من البشر بفعل استخدام العقول التي تميز بين متطلبات الأمس، ومتطلبات اليوم.

علماء التكنولوجيا والاقتصاد يرون أن المسافة بين التمدن العصري والبناء الاقتصادي الأمريكي وبين دول الاتحاد الأوروبي تبعد بمسافة زمنية تقدر بخمسين عامًا، بينما القيم الأخلاقية متأخرة في الولايات الأمريكية بألف عام عما عليه الحال في رواندا، أو في جنوب السودان، خاصة بعد أن رأينا بأعيننا فضائح لا يندى لها الجبين فقط، ولكن ينفطر لها القلب من الحزن في ارتكاب أبشع جرائم التعذيب النفسي والجسدي في العراق وفي إسرائيكا، نعم إنها جرائم كبرى؛ لكنها أيضا ذات صلة بالقيم الأخلاقية للإنسان، فبعض الأنظمة العربية ومثلا على ذلك صدام، صاحب المقابر الجماعية، أو أمثاله وهم كثير، صنعوا كما صنعت أمريكا وعذبوا وقتلوا، ولكن الفارق بين تعذيب وتعذيب، واغتصاب واغتصاب، هو أن ذلك العربي الوطني يعذب الناس باسم الديكتاتور، المستبد، الحاكم الفرد المطلق، وهذا الأمريكي يعذب الناس باسم الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحرب على أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب، لكن المواطن العربي المذبوح من كليهما يردد قول الشاعر الزبيري:
والموتُ من مدفعِ حرًّ نقول له مـوتٌ ولـو أوهمونا أنَّـهُ عُرسُ
إن هذه الأخلاق التي يسميها الرئيس الأمريكي بوش الابن أخلاق الحرية وهي رسالة الحضارة، سلكتها أنظمة الأمة العربية وسبقت أمريكا بقرنٍ كامل في إرساء قواعد الحريات الدموية الهتاكة للأعراض، لذلك لم يتأثر الناس في شعوبنا بمناظر التعذيب كما تأثر الناس في الغرب.

لكن ماذا عن التطور والتجديد في الفكر العربي الإسلامي أولا؟؟.
هل يظل الوضع العربي مرهوناً في الإصلاح السياسي بما تكتبه أمريكا لأنظمتنا العربية كوصفة علاجية للإصلاحات باسم الشرق الأوسط الكبير؟؟
أم بما يكتبه جلساء الزعماء العرب، الذين نجحوا بخبرتهم الطويلة في ممارسة السياسة والحكم، ومقارعة الزمن، ومصارعة الانقلابات؟؟
نعم نجحوا فعلا في الوصول بالأمة إلى قمة المجد، والقوة، والثروة، والثقافة، والصناعة والتجارة، ومن تلك النجاحات الكبرى انطلقوا لتأليف وصفات إصلاحية ليكملوا بها مشوار الانتقال إلى عالم جديد يسبق أمريكا بألف عام. إنها لسخرية مخزية!!
وماذا أيضًا عن عالم التطور وتجديد الفكر الديني، وعلم الاجتهاد الفقهي لدى علماء الإسلام؟ هل في عالم الرحلة إلى حافة الفضاء؟ لابد من الالتزام التعبدي بقواعد الاجتهاد الذي رآه المجتهدون الأوائل يوم كان الوصول إلى استانبول رواية من الخيال و كان السفر عبر البحر إلقاء بالنفس للتهلكة.
أم الوقت قد حان (لابن حزم) أن يعود من قبره ليفكر في مسائل الاجتهاد المطلوبة لأبناء عصر الذرة والنجوم؟؟..
فالنصوص القرآنية والتشريعات النبوية جديدة متجددة إذا لاقت عقولا جديدة متجددة تفهمها فهمًا حديثًا جديدًا، تسقطها على ظروف الواقع لا على ظروف الماضي البعيد القديم الذي لم يعد له وجود ولا أشباه ولا نظائر في عالم اليوم. إن الاجتهاد وتجديد المفاهيم جذريًّا في شتى نواحي ومناحي علوم الدين والدنيا أمرٌ لا مفر منه إذا كان لأمتنا حظٌّ في حاضرها ومستقبلها.

ماذا يرى، وماذا سيقول علماء الإسلام، والمقلدون للاجتهادات القديمة إذا دعوناهم إلى إعادة النظر في كل شيء قالوا فيه هذا حرام وهذا حلال، إعادة نظرٍ متأنية تعطي لفقه الواقع والمتغيرات حقه الأوفى من دلالات النصوص، وتفسح ما ضاق، وتقرب ما بعد، وتنزل الضرورات منازلها، وتقدم دليلا عمليًّا على أن الإسلام صالحٌ لكل زمان ومكان، وأنه دين الرحمة، ودين الحب، ودين السلام العالمي، ودين النور المشع على الكون كله علويّه وسفليه، ودنياه وآخرته، ولا أعني بالدعوة للتجديد الخروجَ عن الثوابت التي تقوم العقيدة على أساس الإيمان بها، وتستقيم الحياة الإيمانية ربانية، إنما أعني الدعوة إلى ما دعت إليه أصوات تجديدية محبة للدين والإسلام، وعصرنة المجتمع، وتحديث الفكر، وما أكثر هذه الأصوات، ولا أريد أن أحصرها أو أحصيها، لكن من باب الأمثلة التقريبية:
ما تدعو إليه جمعية التجديد البحرينية التي أسسها ودعا إليها الأستاذ عيسى الشارقي، والتي قرأت أفكارها ومنهجها في إصدار أولي بعنوان "التجديد نحو منهاج إصلاحي جديد"، لقد تعرفت على هذه الجمعية خلال وجودي في رحاب جامعة أصفهان الإيرانية، في الملتقى الدولي الأول لحوار الحضارات، ومن خلال فتية آمنوا بربهم، ويعملون من أجل إعلاء كلمته.

ومن تلك الدعوات محاولات الدكتور محمد شحرور السوري الذي ذهب بسرعة فائقة، ولكن بدافع الرغبة في التجديد إلى مذاهب غير مطلوبة - على الأقل حاليًّا – لعصرنا، وهناك دعوات معلنة من الدكتور يوسف القرضاوي وغيره، توقظ الهمم إلى ما يجب في عصر التخلف العربي، والجمود في كل أرجاء الحياة.
وكذلك الكاتب جمال البنا الذي قرأت له كتابه "تثوير القرآن" الذي دعا إلى ثورة قرآنية شاملة في دعوة الإحياء الإسلامي بتميز الحفاظ والتحرر، ومن خلال متابعاتي ونقاشاتي مع الداعية زين العابدين علي الجفري، أحسست أن انفتاحية الفكر الإسلامي بفهم أحدث على شئون الحياة والعصر، تلقى استعدادًا رحبًا لمناقشة كل شيء من شأنه اليسر، وبناء الحب للفكر، والتديُّن يوسَّع ولا يُضَيَّق، ويرُغَّب ولا يُنفَّر، قد شكل هاجسًا وجدانيًا لدى هذا الداعية. أما فرحتي بفتوى الشيخ عبد المجيد الزنداني، بجواز زواج الفريند في المهاجر، كانت أكثر منها فرحتي بانشغال الشيخ الزنداني، بهموم ومعاناة الشباب في المهاجر المختلفة والبحث عن التيسير، وللدكتور القرضاوي الفضل في السبق إلى فتوى جواز المسيار، وإباحة سماع العزف والغناء وفعله، إذا اجتنب الدعوة المحرضة المرغبة في الجريمة.

وهنا وهناك دعوات إلى التجديد الفقهي تعد كثيرة، والإجماع على الدعوة إلى اجتهاد أوسع ضرورة وفريضة لكل نواحي الحياة ومناحيها، فالجمود على الصعيد السياسي مسئولية الزعماء، والجمود على الصعيد الفكري والتعبدي مسئولية العلماء، وعلى كاهلهما تقع مسئولية الاستقامة أو الانحراف في مسيرة الإبحار الحضاري المتلاطم في عصر ما بعد ثمانية قرون من تجديد الفكر الإسلامي لدى ابن حزم الأندلسي رحمه الله.

أمّا بعد:
أسئلة حائرة في مرمى البصر
عرض السيرة النبوية العطرة، عبر المسرح السليم بتمثيل محب، ونص مخلص، ولو في جوانب من حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وخاصة الجوانب التي يضع أعداء الإسلام عليها شبهات مشوهات، ماذا لو دعينا إلى عرضها بلغات العالم وقدمناها في سيناريو شيق وظهر فيها ممثلون محترمون، محبون، مخلصون، لإبلاغ السيرة وإيضاح الحقيقة، لا أريد أن أشير إلى إمكانية من يمثل دور صاحب السيرة العطرة عليه الصلاة والسلام، ولكن أطالب بدليل التحريم لذلك، وأتساءلِ لِمَ جازِ تمثيل دور بعض الصحابة المبشَّرين بالجنة، ومُِنعَ التمثيلُ لأدوار بعض المبشَّرين بالجنة؟؟ أهناك كبير فرق بين أبي عبيدة أمين الأمة والخليفة الراشد عثمان بن عفان؟؟؟

أم ننتظر حتى تقوم الصهيونية الحاقدة بإخراج السيرة المحمدية لمؤلف، ومخرج، ومنتج، وممثلين صهاينة، وعلى مسرح (هوليود) وبرؤية شارون وبوش للرسالة المحمدية، ثم حينذاك نقوم بحملة شجب وتنديد واحتجاج في الصحف والقنوات العربية، التي تخاطب نفسها وأهلها فقط، في وقت تكون الحركة الصهيونية أبلغت العالم بلغاته المختلفة باطلا وكذبًا وزيفًا عن الرسالة الخاتمة عن دين الهدى والنور.
إن زعيم الماركسية وصاحبها "كارل ماركس" كان يقول "لأجعلنَّ الناس ينسون ربَّهم بالمسرح"، فلم نحن لا نقول "لنُبلَّغنَّ رسالة الإسلام للناس كافة من خلال المسرح"،؟! أليست أحاديث الهيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، وروايتها من المحدثين بالمحاكاة لحركاته تعني الجواز لما عدا ذلك.
وفي الحرب والخوف عندما أنيم الإمام علي كرم الله وجهه على سرير الحبيب صلوات الله عليه ليلة الهجرة، في ذلك تمثيل هادف على الحقيقة، وعشرات الأمثلة يجدها المتتبع.
ما رأي العلماء الذين يزورون كل أنحاء العالم ويشعرون بأنهم يعيشون وأسرهم ومجتمعهم في الغرب أو أقصى الشرق؟

إن ما صنعه فيلم "آلام المسيح" رغم ملحوظاتي عليه علميًّا وفكريًّا قد أزرى بالتطرف الإسرائيلي، وكشف انحراف العصابة الدموية المعادية لرسل الله، حتى فجر ضغينة وحقدًا إسرائيليًا، حتى أصبحت لا أشك أن إسرائيل قد تغتال الكاتب والمخرج والممثل بطرقٍ غير F16 كما تصنع بالفلسطينيين لأنها ضالعة وصاحبة خبرة بالإرهاب الخفي والمعلن، ولكن تحت شعار العدل والحرية والسامية. أجيبوني بصراحة؟؟؟
الدكتور عبد الولي الشميري

 
  رجوع 
shimery.com
مقالات | ألبوم الصور | مؤتمرات | لقاءات صحفية | نشاط ثقافي
لمراسلة موقع السفير راسلنا علي
info@shemiry.com